إلى الصراع أم إلى البناء؟
انتهت المعركة الانتخابية بقرار الشعب، فقد اختار من يمثله في تكوين الحكومة المقبلة، ليس لي ولا لغيري حق الانتقاد لمن فاز، فهو لم يصل لولا وجود جمهور كبير صوت له، واعطاه ثقته، واحتراماً منا لإخواننا وشركائنا في الوطن، نقدم لهم تهنئتنا بفوز مرشحيهم وانتصار أصواتهم.
لكن ما يدور في ذهني هو سؤال واحد فقط، الى اين يتوجه العراق بعد هذه النتائج؟ الى الصراع ام الى البناء؟ كيف سيتعامل الأكثرية مع غيرهم، على أساس الشراكة المحترمة ام على أساس العداء الازلي والابدي؟
هل ستزداد وتيرة العداء الطائفي بين طبقات الشعب
نحن امام منعطف جديد لحرب واقتتال طائفي من نوع اخر، سيحدده أسلوب الفائزين في هذه الانتخابات وجمهورهم، المرحلة القادمة تحتاج الى انضباط عالي وحنكة في اتخاذ القرارات، واي كلمة او بيان سيصدر من أي رمز من الرموز سيتحول الى شرارة ستستغل في اشعال ما تبقى من العراق، وستساعد مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية وغيرها في زيادة وتيرة العداء بين طبقات الشعب، لاسيما وانه ما زالت بين يديه أسلحته التي شهرها بوجه الإرهاب، عندما دحر داعش وحرر الأرض.
تحقيق توازن القوى الخارجية في العراق
نحتاج في المرحلة القادمة ان نكون ساحة توازن للقوى الخارجية المؤثرة على قرارات العراقيين، فلا نقطع ميولنا عن السعودية ولا عن إيران ولا عن تركيا وغيرها من الدول، علينا ان نتحول الى سياسة جديدة تجعل علاقتنا طيبة ومتعادلة مع قطبي المغناطيس، أمريكا وحلفائها، وروسيا وحلفائها، نعطي لنأخذ، نأخذ لنبني، نفرض أنفسنا كقوة سيادية بالعقل السياسي، لا بالشعارات العسكرية والانجرار خلف الحرب من اجل الغير.
هل يوجد أمل بتحقيق أي إصلاحات؟
تقليل إمتيازات النواب في البرلمان العراقي
ولا يتحقق الامل بالإصلاح الا بعد ان يكون القرار الأول للفائزين بالانتخابات، ان يقللوا الامتيازات التي يتمتع بها أعضاء البرلمان، وهو الخيار الصعب، والذي ان فشلوا في اتخاذه والثبات عليه وتنفيذه، فانهم لن ينجحوا في الإصلاح ابداً ولن يستطيعوا ان يقفوا امام المغريات المادية الأخرى، وسيصبحون كما أمسى غيرهم، يتمايلون نحو مصالحهم الخاصة.
على كل عضو برلمان تجديد وعد الوفاء للشعب
على البرلمانيين ان يذهبوا الى مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف، ليجددوا العهد الذي عاهدوا به المجاهدين وذويهم، هناك حيث يرقد الابطال السعداء، الذين ارخصوا حياتهم ودمائهم في سبيل الله والوطن، ليرتقوا شهداء ويتركوا خلفهم اهليهم بين يدي من تعهد بان يرعاهم ويصونهم، فقد جاء موعد الوفاء بالوعد، وان خيانة الشهداء أكبر من جرائم الإرهابيين والقتلة، فيا أيها البرلمانيون لا تكونوا خونة.
عشرة صور ينبغي أنا يستحضرها أعضاء البرلمان العراقي الجديد قبل أي تصويت أو قرار أو بيان
أيها البرلماني، أيها الرمز، كائناً من كنت، قبل ان تتخذ أي قرار، وقبل ان تنطق باي كلمة، وقبل ان تصدر أي بيان، ضع امامك عشرة صور فقط لا أكثر…
- فيها طفل مشرد تغطيه خرق لملمها من المزابل…
- وامرأة مسنة تندب أولادها الشهداء جالسة عند دكة الباب وحيدة بلا ونيس…
- ويتيم لا يجد لنفسه علاجاً من مرض السرطان انقلب على جانبه يكفكف دموعه خجلاً من ان يراه الناس…
- وشيخ مسن وقف كالذليل الصاغر امام احدى دوائر الدولة يستجدي منهم ان يكملوا معاملته بإحسان…
- وبطل فقد أعضائه وهو يدافع عن العراق هجره الناس والأصدقاء وهو يتمنى الموت على البقاء، يشيح بنظره عن صورته المعلقة بالزي العسكري، يشعر بالندم لدفاعه عن ارض العراق…
- وشاب يجر حسراته وهو عاطل عن العمل يفكر في ان يرمي نفسه من مرتفع، او ان يهاجر بلا عودة، فقد كره العراق…
- وبنت خرجت للعمل بين ذئاب البراري لتعيل اخوتها الصغار حيث لا معيل لهم وهي لا تنفك تتعرض للتحرش والاعتداء، من الإسلاميين وغيرهم على حد سواء…
- وزوجة شهيد تطرق الأبواب تبحث عن حق زوجها وهم يدعونها للزواج المنقطع ليصنعوا منها عاهرة إسلامية بامتياز…
- وفقير لا يجد مالاً ليعالج نفسه، ضاع بين المستشفى وعيادات الأطباء الخاصة…
- واخر صورة هي لأحبائك واهل بيتك، هل تتمنى لهم ان يصبح حالهم كما هو حال الاخرين في الصور التسعة السابقة؟ ام تتمنى ان تغير حال الاخرين ليصبحوا كحال احبائك واهل بيتك؟
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد