لما بكت الغيوم أزهرت الأرض
قصة تدور حول مزارع وإقطاعي..
قطع الإقطاعي الماء عن أرض المزارع
المزارع الطيب، كانت ارضه تتوسط اراضٍ لشخصٍ اقطاعي، كان يمتلك مجاري الأنهار، ويمنعها عن ارض المزارع الطيب، ومن اجل الماء كان المزارع يدفع الأموال للإقطاعي، على أمل أن يعوض ذلك المال من بيع محاصيل مزرعته عند بلوغ موسم الحصاد. خرج المزارع الطيب كعادته يحرث أرضه، يحمل أكياس الحبوب معه، يحرث ويغرس البذور ومن ثم يغطيها بالتراب، حتى أتم عمله، وسقى زرعه بانتظام، بعد مدة بدأ ينمو زرعه بشكلٍ واضح، وكان الإقطاعي يراقب عن كثب، لم يعجبه ما يراه من اخضرارٍ لأرض المزارع الطيب، فعمته الغيرة والحسد، فقطع الماء عن المزرعة.
ظلم الإقطاعي للمزارع وجبروته
علم المزارع بغيظ الإقطاعي، فحمل المال وذهب الى قصره ليعطيه المال مقابل الماء، لكن الإقطاعي رفض، وطلب إضعاف المبلغ المعتاد، لم يكن المزارع يملك كل هذا المال، فحاول إقناعه، لكن الاقطاعي رفض وبشدة، بل ورفض أي عرضٍ آخر سوى أن يبيعه ارضه، ووعده أنه سيبقيه فيها مزارعاً يعمل بأجرٍ كأي مزارعٍ آخر.
مرارة الموقف، وجبروت الاقطاعي الطاغية، وقلة الناصر، وهوان الدنيا حيث صيرت من هذا الاقطاعي الصعلوك سيداً يتحكم بالأحرار، جعلت من المزارع الطيب يشعر بحرقةٍ في قلبه، تعرق وجهه واحمرت عيناه، الغضب زحف كأفعى تسللت الى عقله، همَّ أن يضرب الاقطاعي، ولكنه استرجع اخيراً وقاوم نفسه الامارة بالسوء مفوضاً امره الى الله.
رحمة من الله وبشرى خير
سار في طريقه نحو بيته المتواضع، جذب نظره ورقة تتحرك يميناً وشمالاً، ترفرف في وسط باحة البيت، كجناحي طيرٍ ابيض اللون تحف جناحيه ألوان زاهية براقة، اقترب منها وجدها ورقة من أوراق القرآن الكريم، امسك بها فإذا بهذه الآية تشع نوراً، علم أنها رسالة من الله له، قرأها ومن ثم جلس على عتبة الباب يردد بها مراراً وتكراراً، ((رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)). أغمض عينيه، امال برأسه نحو إطار الباب، أخذ نفساً عميقاً، ثم تدلت يده نحو صدره، ونام دون أن يشعر، وكأن الله أنزل عليه السكينة، وأيده بنعاسٍ يهدئ روعه، ويزيل خوفه، ويمنحه فرصةً حتى لا ينصدم إذا ما فتحت بوجهه بوابات الأمل.
مطر أعادت الحياة لأرض المزارع
أوراق الزرع العطشى تنتظر الماء، عطشها جعلها ذابلة منحنية نحو الأرض، ترمق بترقب المزارع يستيقظ من نومته، ويفيق من غفوته، ليجلب لها الماء لتشرب، ووسط هذا القلق والاضطراب، تجمعت بعض الغيوم، غطت أشعة الشمس، على غير العادة، ومن غير المألوف أن تتجمع الغيوم في مثل هذه الأيام، تغير اتجاه الهواء، حرك بقوة شعر المزارع ليستفيق مستغرباً، ما الذي يجري، تيار هواءٍ بارد، والشمس غائبة، فهل حل الليل يا ترى؟ هكذا كان يتساءل.
الريح كأنما كانت تقول “أيها المزارع الطيب، انت مع الله غني وعزيز”، فإذا بالغيوم تشعر بالعشق، حبها الحار جعلها تبكي كالأمهات العطوفات، بكت بكاء الرحمة، ذرفت دموعها مطراً نافعاً، لتسقي الزرع العطشان، لتنتصب سيقان الزرع وترتفع اوراقها الخضراء وتفتحها كجناحي عصفور نال حريته منطلقاً نحو السماء، ومن ثم أزهرت الأرض، وتفتحت كل الزهور، لتفوح رائحتها الطيبة، ويشم ريحها الطيب كل من يعيش في تلك القرية.
نصرةُ اللهِ المظلوم
وقف المزارع تحت المطر ينظر مستغرباً، كيف أمطرت؟! ولكنه يعلم أن الله ينصر عبده، ويسدد خطاه، فالعبد بدون الله لا شيء وبلا قيمة، وأنه رغم كل عطاياه فهو في الأخير فقير، وأيقن أن الله سيجعل من البكاء ساعة العسرة سبيلاً للفرح والفرج، فقلب المزارع لما حزن حزنت لحزنه الغيوم، حتى ابكاها الحزن، والغيوم لما بكت أزهرت الأرض، وتبسم الزرع، والأرض لما أزهرت عادت البهجة الى قلب المزارع الطيب، والغيض والغل تصير سرطاناً يأكل قلب الاقطاعي الحقود.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "لما بكت الغيوم أزهرت الأرض"
إرسال تعليق