فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ
سيدنا موسى والأفعى
عندما تشاهد افعى سامة تتحرك باتجاهك، من الطبيعي ان يدب الخوف في قلبك، ومن الطبيعي ان تحاول الرجوع الى الخلف وتستعد للهرب، ومن يواجه افعى سامة بابتسامة؟! فقط ذلك المتمرس على التعامل معها، ويعرف كل التفاصيل عنها وعن كيفية تجنب لدغتها، ولعل رعاة الأغنام يعرفون خطر الافاعي، وما تفعله من مشاكل لهم وللقطيع، فكيف بالذي نشأ في بيت يظهر بشكل واضح ما تسببه الافاعي من اضرار؟
موسى عليه السلام، نشأ في بيت الفرعون الذي يحترم الكهنة، ويعطي للسحرة مكانة كبيرة في التأثير على طريقة حكمه للشعب، وهم بدورهم يضعون الافاعي في منزلة خاصة، ويقدسونها بشكل واضح، وخاصة في سحرهم الذي يرهب الناس، هذه الأسباب أعطت صورة واضحة لموسى عليه السلام عن نوع المشكلة التي تواجهه عندما سيقف امام الفرعون، لاسيما وانه مطلوب من قبل الفرعون في حادثة سابقة، جعلته يخرج من مصر.
تحدي سيدنا موسى لفرعون
جاء يوم التحدي الكبير، حيث سيقف موسى عليه السلام امام قوة الفرعون ومصدر هيبته، وهم نخبة الكهنة، ومحترفي السحر، وقد تقدموا امام جموع الناس، في وضح النهار، حيث جلبوا معهم بعض الحبال والعصي، ليقفوا بكامل ثقتهم بالنصر، وهم يقولون “بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ“، وجاءت اللحظة الحاسمة في مواجهة الشعوذة، حيث تحولت في اذهان الجميع تلك العصي والحبال الى افاعي تسعى، ولكنها لم تكن الا وهم لا حقيقة، ولكنه وهم سلب عقول الحاضرين، وجعل موسى يخاف ويرجع خطوة الى الخلف، لكن من كان الله معه كيف له ان يخاف، وهنا انتهت عظمة السحرة، حينما القى موسى عليه السلام عصاه لتلقف ما صنعوا، في مشهد لم يروه من قبل.
ولكن قبيل تلك اللحظة الحاسمة، كانت اعين السحرة تنظر الى ردة فعل موسى عليه السلام، وما ان بانت عليه علامات الخوف، حتى شعروا بالزهو والنصر المبين، وهذا الخوف الذي ظهر بشكل طبيعي على وجهه وتصرفاته، هو من جعلهم يؤمنون بالله، ويتحملون كل عقوبات الفرعون، لأنهم وبساطة عرفوا ان ما جاء به موسى ليس بالسحر، ولو كان سحراً لما خاف من تلك الحبال والعصي ولوقف امامها بثقة تامة، كما هم يفعلون امامها.
العمل بالفطرة الانسانية
خوف موسى عليه السلام لم يذمه الله تعالى، بل كان سبباً في اظهار الحقيقة امام السحرة، واسقطت هيبة الفرعون المتكبر، لقد كانت فطرة طبيعية، وردة فعل سوية لأي انسان عاقل، فليست كل ردود الأفعال تكون سلبية، وليست كل ردود الأفعال متساوية لدى الانسان، فكن طبيعياً واعمل بما تمليه عليك فطرتك، كما فعل موسى عليه السلام امام السحرة.
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد