الجندي المجهول
قبل شهر واحد من الحادثة “نداء من قوى الدفاع إلى القيادة، يرجى تجهيزنا بما هو ضروري لمقاومة الإرهابيين ولا سيما في هذا الوقت المحرج، ان المعلومات الاستخبارية تشير إلى وجود هجوم إرهابي سيضرب شمال المنطقة وقد يسبب المشاكل لباقي المناطق بالتتابع، نحن بحاجة إلى الإمدادات”
كيف كان وضع الجنود من حيث اهتمام القيادة المركزية؟
كان النداء إحدى نداءات الجنود المجهولين الذين يقاتلون الأعداء دونما عناية من القيادة المركزية، يقفون على أهبة الاستعداد ويضحون بأنفسهم في سبيل الوطن، ولكن لا أحد يهتم بهم، أبسط احتياجاتهم مسلوبة منهم، يعانون بسبب واجبهم الثقيل، ويشعرون بأنهم في أي لحظة سيهزمون.
شعرت القيادة بالتقصير فحاولت جاهدة ان تضغط على صاحب الامر، لكنها لم تستطع ان تجلب ما هو مفيد لجنودها، لأنه كان يرسل إليهم مواداً رديئة ومسمومة، تزيد الأمور صعوبة، كانوا في كل جولة ومعركة يخسرون الكثيرين من الجنود الاشاوس.
قبل ستة أشهر من الحادثة بالتحديد في الأول من شهر حزيران 2019
ذات يوم تعرضوا إلى ضربة قوية أدت إلى انهيار في خطوطهم الدفاعية مما اضطرهم إلى طلب معونة قوات التحالف من أجل اسنادهم، وأثناء المعركة سقط الكثير منهم قتلى لذلك تطلب الأمر تدخل قوات ساندة محمولة من دول أخرى للقتال جنباً إلى جنب معهم، وبعد معاناة طويلة انتهت المعركة بخسائر بالأرواح والمعدات، ولكنهم سيطروا على الوضع نوعاً ما.
مرت أشهر على المعركة، جلس أحد الوافدين الجدد من جيش الإسناد وهو مستغرب من قلة الموارد وضعف الجودة، فكان يسأل أصحاب الأرض عن ذلك، ولكنهم لا يعرفون السبب، إلا أنهم سألوه عن بلده الأم كيف كان، فأجابهم بأنهم كانوا عدة وعدد، ولا يجرأ أي إرهابي ان يدخل إلى أراضيهم، وأن صاحب الأمر كان يستجيب لنداء القيادة العليا ويوفر لها ما تطلب، وكانت جميع امداداته من النوع الممتاز، هكذا بقي الجنود يترقبون المستقبل، ويحاولون شد عزيمة بعضهم البعض لأنهم أيسوا من استجابة القيادة لهم، وأيقنوا انهم لوحدهم في هذه الحرب.
وقت الحادثة ما الذي حصل؟
إنها الساعة الواحدة صباحاً أيها الرئيس، ماذا نفعل هناك أخبار عن وجود عناصر غريبة تتجول، وعناصر الاستخبارات لم يعطوا رمز الخطر لهذه اللحظة، وأنا أشعر مع الجنود بالريبة والشك، أخبرنا ماذا نفعل، هكذا وجه كلامه رئيس العرفاء لقائد الفرقة.
وقف القائد محتاراً إذ لا إجابة من القيادة العليا، ولا وجود لأي إنذار على مستوى باقي تشكيلات الداخلية والدفاع، ولكن ما باليد حيلة سوى الانتظار، ولكنهم يشعرون بأن حركة هؤلاء الغرباء تتوجه إلى إحدى القنوات المهمة والتي تمر من خلالها الإمدادات، انها مفصل مهم لطالما الأعداء حاولوا إسقاطه، ولطالما كان نقطة ضعف هذه الدولة.
ماهي التكتيكات اللوجستية التي كان يحضرها الأعداء و نحن في غفلة؟
بعد ساعة دق جرس الإنذار، هجوم مباغت من هؤلاء الغرباء، إنهم يستولون على تلك القصبة، لقد خدعونا طوال الأيام الأربعة عشر الفائتة، إنهم يقومون بقطع طريق الإمدادات، هكذا كان نداء القيادة إلى قوات التدخل السريع، والذين استجابوا بسرعة وأخذوا يستخدمون كافة الأسلحة المتوفرة لديهم، أخذوا يتجمعون من كافة نقاط الصد والتحقت معهم قوات الاحتياط، ونفذوا عملية الأرض الملتهبة، مما جعل الأرض تشتعل بالنار، وارتفعت حرارة المكان، وبعد يومين من المقاومة الشديدة وبطء حركة المقاتلين وتأخر وصولهم إلى أرض المعركة.
ماذا عن نتيجة المعركة؟
انهارت دفاعات جيوب رئة الدولة، لم يعد أمامهم أي قدرة على الدفاع، وحتى بعد أن وصلت الإمدادات وتدخلت قوى التحالف، لقد استطاع الغرباء الإرهابيين من التوغل إلى عمق الخنادق والجيوب التي استولوا عليها، ليبدؤوا عملية الانتشار وتلغيم الممرات والحويصلات، والاستيلاء أخيراً على مصدر الوقود والطاقة.
وعند الساعة السادسة والنصف مساءً وصل آخر مرسال من جبهات القتال ليعلم القيادة بأنهم خسروا الحرب، فسقطت القيادة العليا وارتحل عن الدولة صاحب الأمر، تاركاً الأرض تتجمد بمن فيها، ليعلن طبيب المستشفى عن وفاة المريض إثر تعرضه لفايروس كورونا، لأنه لم يكن يمتلك مناعة قوية.
الجندي المجهول
كلنا نمتلك هذه النخبة من الجنود المجهولين، لا نعرفهم، ولكنهم يعرفون واجبهم تجاه أجسادنا والتي هي وطنهم، وعلينا أن نقدم لهم الدعم والشكر، علينا أن نجعلهم اقوى في أوقات الرخاء ليكونوا لنا عوناً حقيقياً في أوقات الشدة، لا تدخن السكائر او الأركيلة، لا تشرب الكحول والمسكرات، لا تأكل ما يضرك ولا ينفعك، بذلك انت تقدم لهم الشكر والامتنان والعرفان، لنسجد لله شكراً على نعمة هؤلاء الأبطال من كتيبة كريات الدم البيضاء، إذ لولاهم ما كنا نقدر على هزيمة الجراثيم والفايروسات.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد