«ناقصات عقل».. دعوة لتفكيك الصورة المشوهة عن المرأة
عانت المرأة خلال حياة البشرية الطويلة الكثير من الألم والظلم، وطالما
كانت في نظر الذكور المخلوق الأقل شأناً منهم، وقد وظفت المرأة لكي تكون زوجة وام،
واقصد بذلك هو تجميد كل قدراتها وحصرها في إطار المهام المنزلية فقط، وعدم ايلائها
الأهمية وعدم إعطائها حقوقها كانسان له كرامته، وفي نفس الوقت تحولت البعض منهن
الى وسيلة لإشباع رغبات الرجال.
حتى في الاساطير القديمة فان المرأة عبارة عن رمز للإغراء، ووجودها
فقط من اجل ممارسة الجنس، كما في اساطير اليونان، وحتى على مستوى القصص التاريخية
كانت المرأة مسخرة لهذا الغرض، بل حتى في المسلسلات والبرامج والأفلام وليومنا هذا
فان المرأة مهمتها اشباع الرغبات الجنسية.
عند العرب كانوا يجبرون النساء على البغاء، ويزوجونهن بالإجبار،
ويتطيرون منهن، حتى انهم كانوا يدفنونهن صغيرات بعمر الرضاعة، وهذا ما ثبته القرآن
الكريم في سوء المعاملة التي كانت المرأة تتعرض لها، ولكن ما يزيد الاستغراب هو
انها بقيت تحت هذا المؤثر حتى بعد الإسلام، فلم تستطع العقلية المتحجرة الخروج من
مستنقع الجهل، ولهذا ما زلنا نقرأ ونسمع عن فتاوى تحط من منزلة المرأة بلسان
المسلمين.
وعندما جاء الفرج للمرأة ووجدت من سيدافع عن حقوقها، وقعت في مصيدة
مستغل اخر، بالأمس كانوا يذلونها بالعبودية، واليوم يذلونها بالتحرر، في كلتا
الحالتين كانت وما زالت المرأة تؤدي نفس الدور المراد منها، وعلى رأسه اشباع
الرغبات، فكانت نتيجة التنظير الطويل واستغلال معاناة النساء هو ابتذالهن امام
الناس تحت عنوان التحرر، وهذا لم يعط للنساء أي ميزة جديدة، فهن ملاحقات بسبب
جمالهن، والتي لا تمتلك جمالاً وجسماً مقبولاً تتعرض الى الانتقاد والذم والتنمر، فلا
احد ينظر الى جوهرها الا ما ندر، وما يريده الذكور هو التمتع بالنظر الى مفاتن
النساء.
الصيحات التي دعت المرأة للخروج من عادات وتقاليد حكمت سيطرتها عليها
وجعلتها متخلفة لا تعرف القراءة والكتابة، وجعلتها تتحمل جميع الاهانات والشتم
والضرب في سبيل عدم الذهاب الى خانة المطلقات والارامل، حيث ستقل فرص الزواج وتزيد
فرص التحرش، وستتحمل مسؤولية ابنائها لوحدها، وستضطر احياناً الى سلوك طريق
الانحراف في سبيل العيش بسلام، تلك الصيحات استطاعت ان تعطيها جرعة من الشجاعة
والامل، ولكن دفعت بها الى عالم من الاستغلال، حيث استخدموها وسيلة لتحقيق
الارباح، لم يتغير سوى الشعور، اما المضمون فبقي نفسه، وبمجرد ان تسلب المرأة
جمالها، ستركن على جنب، فهي سلعة في نظر الاخرين كما كانت سابقاً.
وهذه الدعوة للرجال ان يكفوا عن النظر الى النساء بأنهن ناقصات، هن
لسن كذلك، بل هن نصفنا الثاني، وامتداد البشرية مناط بالرجال والنساء معاً، وما
انت عليه من صحة وعافية وتعليم وغيرها من النعم، هي بسبب ما تقدمه النساء لنا من
خدمات مجانية، سواء كانت اماً او اختاً او زوجة، ويجب ان نميز بين ما يقال عنها،
حتى وان كان في تفسير آية قرآنية، فان تفسيرها ان تعارض وخطوط الإسلام العريضة فلا
قدسية لهذا التفسير ولا أهمية.
اما النساء فعليهن ان يفهمن ان لكل شيء ثمن، وعليهن الا يدفعن ثمناً
باهضاً للخروج من حياة العبودية الى حياة العبودية الأخرى، وهذا ما نتأسف له، ان
هناك نساء عربيات او مسلمات او من بلدان إسلامية أصبحن نجمات أفلام يتعرين فيها
ويمارسن الجنس علناً تحت عنوان الحرية والتحرر، وليست هذه الحياة الكريمة التي
تستحقها المرأة.
نتمنى للنساء ان يصبحن جميعاً ملكات في بيوتهن بين آبائهن وابنائهن
واخوانهن وبني عمومتهن، ملكات يطرحن البركة أينما حللن، ويفرشن حنانهن بساطاً
تغفوا عليه الأجيال، ويكسون البيوت بجلابيبهن، ويغطين من فيه بأجنحتهن كخيمة
عمادها ضحكة ودمعة، تطلقها ساعة الولادة لتعبر عن اصدق شعور يطلقه الانسان، حيث
تختلط دموع الألم مع دموع الفرح، فأنتن ملكات اشرقت الدنيا او اغربت.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "«ناقصات عقل».. دعوة لتفكيك الصورة المشوهة عن المرأة"
إرسال تعليق