مصر والحرب الطائفية
مصر اليوم تخوض معركتها مع الإرهاب من خلال الانتقال من تعصب الاخوان الى تكفير داعش التي توسعت وصولاً الى مصر بعد ان عاثت في الأرض فساداً في العراق وسوريا، مصر اليوم ستدفع ثمناً غالياً لأنها لم تصبح ذيلاً لأرباب الفتنة والعملاء الذين يدعمون الإرهاب بحجة الدين والإسلام تحت مسمى داعش، رغم انها شاركت في حربها ضد اليمن ولكنها لم تراجع التاريخ القريب ولم تفهم الدرس جيداً.
كانت دول الخليج في ثمانينات القرن الماضي تدعم نظام البعث في العراق في حربه مع ايران التي انتقلت من نظام الشاه الى نظام إسلامي من خلال ثورة شعبية، كلنا نعلم ان العراق كان ينفذ مطلباً امريكياً في المنطقة، فثورة أخرى في المنطقة ضد عملاء أمريكا ستكون ضربة قاصمة لها وستحول دون نيل مرادها في التوسع والاستعمار، لذلك كان نظام البعث في العراق يخوض حرباً دامت ثمان سنوات كانت لدول الخليج ومنها الكويت يداً داعمةً له في هذه الحرب، ولكن لم تنتهي الحرب الا بنصر مزعوم اعقبه احتلال للكويت واستقدام الجيوش من اجل استعادتها من النظام البعثي.
ان كان هناك ما نفهمه من هذه الحقبة، ان أنظمة وحكام الدول العربية لا يمكن الاعتماد عليهم لأنهم ليسوا أصحاب القرار، وهذا يظهر من خلال بناء قواعد للجيش الأمريكي في دول الخليج تحت مزاعم الحماية من خطر العراق على المنطقة، والعجيب ان اليمن وسوريا والسعودية ومصر والجزائر والمغرب وليبيا تمتلك جيوشاً لطالما تباهت بها امام العالم الا انهم رغم ذلك استعانوا بجيوش أخرى وعلى رأسها أمريكا لتحرير الكويت، وبعد استرجاع الكويت وبعد ان اكتملت الخطة وجهزت أمريكا لبيادقها التي سترمي بها الى العراق، كانت خطوتها في اسقاط نظام البعث تحت ذريعة وجود أسلحة محرمة دولياً فيه.
ومنذ عام 2003 عاش العراق الحرب الطائفية، وما زالت هذه الحرب هي الأساس الذي تعتمد عليه أمريكا في تنفيذها لمشروعها الاستعماري الكبير، ومنذ ان أسست للقاعدة، كانت كما أسمتها القاعدة التي انطلقت منها جميع المحاولات الإرهابية لتفتيت جدار الصف الإسلامي من خلال نهج التكفير، ومن مسمى الى اخر تغيرت القاعدة الى عدة مسميات واليوم ثبتت على ما يسمى بالدولة الإسلامية واعتمادها على نظام الخلافة على منهاج النبوة.
العراق قد ذاق هذه الحرب الطائفية ورغم ذلك كانت الدول المجاورة هي التي تصدر هذا الإرهاب، وانقلب السحر على الساحر، وهذه هي سوريا تدفع ثمن ولائها المفرط لأمريكا او لعملاء أمريكا في المنطقة، وهي تعيش ملفاً مضغوطاً لما عاشه العراق منذ سنوات، والعاقل يفهم من تجارب الاخرين كيف يخرج من هذه الازمة، وعلى الشعب المصري ان يفهم ان التشدد الديني لن ينفعهم ابداً بل سيجرهم الى حرب أهلية وطائفية كبيرة، وما يحصل اليوم في مصر من استهداف للمسيحيين انما هو اول حمم بركان الفتنة، ولكن الأوان لم يفت كثيراً وعليهم ان يعيدوا النظر من جديد وان يتركوا حكام المنطقة ويضعوا يدهم بيد من عانى من قبلهم وان يساندوا بعضهم بعضاً للخروج من مأزق الحرب والاقتتال والتهجير.
وبالطبع لا ننسى أهلنا في اليمن، وما يمرون به من معاناة كبيرة، حيث لا مكان فيه فتن واقتتال الا وكانت للقاعدة وداعش وجود فيه، ولكن العراق وسوريا واليمن لا يمتلكون ما تمتلكه مصر، فمصر ليست ام الدنيا فقط ولكنها ام الاعلام ايضاً، وعلى المصريين ان يجندوا الماكنة الإعلامية لهدم صرح الإرهاب واسكات المتطرفين ونبذ أموال الدول الأخرى وعدم تنفيذ مطالبهم لأنها لن تنتهي في صالح المصريين.
على الشعب المصري ان يعيد النظر في دراسة واقع العراق وسوريا واليمن ويقارن واقعه مع واقع هذه الدول وان يتخذ دوره كشعب حر وواعي لا سيما وانه يمتلك جيشاً حراً وهذا الجيش قادر على ان يغير الواقع كما يفعل العراقيون والسوريون واليمانيون.
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "مصر والحرب الطائفية"
إرسال تعليق