لا تدري لعل الله يريد بك خيراً
في يوم ممطر، وفي إحدى الغابات المتاخمة لقرية ريفية، كانت هناك شجرة كبيرة، وكان على إحدى أغصانها عش لعصافير، كن خمسة عصافير صغيرة وكانت أمهم ترعاهم إذ أنهم مازالوا لا يقوون على الطيران. ذهبت الأم كالعادة لتجلب لهم الطعام، لكنها على غير العادة تأخرت عن الحضور، وأخذ العصافير الصغار يزقزقون كثيرا وينادون أمهم، لكنها لم ترجع إليهم.
قصة الأم التي ذهبت لإحضار الطعام للعصافير
أحد هؤلاء العصافير بدأ يتحرك ويدور حول اخوته، يتحرك بسرعة وبعشوائية، واثناء حركته داس على حافة العش المبلل من المطر، فانهار به وسقط من على الشجرة الى الارض، لم يصب بأذى لكثرة اوراق الشجر المبللة والمتساقطة أسفل الشجرة.
اخذ يصيح ويزقزق كثيراً، واخوته كذلك علت اصواتهم معه، واستمروا على ذلك حتى اقترب المساء، خارت قواهم، واخذ الجوع والعطش منهم مأخذه، ولم ترجع امهم بالطعام، استسلموا للإعياء وناموا تلك الليلة جائعين، خائفين بلا ام تحميهم، وكان العصفور أسفل الشجرة يفتقد اخوته وعشه اضافة الى فقده لامه.
لماذا لم تجلب الأم الطعام لأولادها؟
مرت الليلة وكأنها مائة سنة، وما أن بزغ الصباح وانكشفت الغيوم وسكت المطر وشع ضياء الشمس ونفذ من بين الاغصان والاوراق، افاق العصفور الوحيد وبدأ يناغي اخوته، بزقزقة خفيفة، ولكنهم لم يجيبوه، اقترب من جذع الشجرة، ورفع رأسه يحاول رؤية العش، كان بعيداً جداً، ولا يراه بشكل واضح، حاول أن يغير مكانه، وحاول أن يتسلق الجذع، لكنه فشل في ذلك، ووقف في افضل مكان له.
حيث يرى جزءً من العش، وبعد برهة، رأى شيئا يتحرك، ظن أنها امه، او احد اخوته، تساءل في نفسه من هذا الذي يتحرك دون صوت، دقائق فاذا بهذا الكائن يظهر بوضوح ويتسلق الجذع وفي فيه عصفور صغير، لقد هاجمت الافعى عشه واكلت اخوته، ورمقته بعينيها، وهمت بالنزول اليه لتفترسه، إلا إنها توقفت فجأة.
ظهور المزارع وابنته
ظهر من بين الاشجار أحد المزارعين ومعه ابنته، كانا يبحثان عن عشب ينمو بالقرب من جذوع الاشجار المعمرة، ينمو بوضوح بعد انتهاء المطر، وعندما اقتربوا من الشجرة هربت الافعى، وكان العصفور الوحيد متجمدا من الخوف، اخفى نفسه بين اوراق الشجر، مدت ابنة المزارع يدها لتنزيل الاوراق عن حافة الجذع لتبحث عن عشبتها، وإذا بها تتحسس شيئا طرياً بين الاوراق، كشفت عنه فاذا به العصفور الوحيد.
إنقاذ ابنة المزارع للعصفور بعد فقده عائلته
اخذته معها للبيت، صنعت له الطعام، واطعمته ورعته، حتى نمى ريشه، واشتد عوده وافرد جناحيه، وانطلق طائراً في علوّ السماء الزرقاء، ماراً من فوق عشه الذي سقط منه، يدور حوله وهو يرى اطلالاً وبقايا اعواد تتلاعب بها نسمات الهواء الخفيفة، مع بقايا من زغبٍ وريش جمد عليه دم اخوته لما افترستهم تلك الافعى اللعينة، دار كثيراً على املٍ كاذب أن يرى عائلته التي فقدها، ولكنه كان يعلم أن ما يأمله ما هو سوى سراب،
العوض الجميل من الله
فقرر أن يعود هاوياً على ذراع ابنة المزارع، ممسكاً بأناملها الناعمة الدافئة، منحنياً لها احتراماً، وشاكراً لها لرعايتها له، ومن ثم رفع رأسه عالياً، ليشكر خالقه على ما اعطاه، في تلك اللحظة التي سقط فيها، كان من الطبيعي أن يكون هو الهالك واخوته هم الناجون، لكنه حيث كان بلا اُم وبلا عش وبلا وطن وبلا اخوة، عوضه الله عنهم بيد حنون، وقلب عطوف، وانسانة طيبة، فتحت له ذراعيها لتكون له عائلته التي فقدها. لقد عاش لأنه سقط دون اخوته، فحينما تشعر إنك خسرت او هزمت او اخذت المصائب منك ما تحب، فإن الله بلطفه سيعوضك خيراً، ولعله دفع عنك ما لا تحتسب، فإن غلق بوجهك باب فلا تدري لعل الله يريد بك خيراً.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "لا تدري لعل الله يريد بك خيراً"
إرسال تعليق